توقيع ديوان:” قصائد في جائحة كورونا”
نظّمت هيئة تكريم العطاء المميّز نشاطاً ثقافياً تكريمياً ، في ثانوية حسن كامل الصباح نهار الأحد الواقع فيه 26 حزيران 2022 ، وقّعت فيه ديوان قصائد في جائحة كورونا، وديوان قصائد في الاغتراب والهجرة، وكرّمت كلاً من الراحلين الى دار البقاء والذين لم تسمح ظروف كورونا بذلك عند وفاتهم، وهم:
– المرحوم فضيلة الشيخ فضل مخدر.
– المرحوم العالم الدكتور محمد علي قبيسي.
– المرحوم المربي الأستاذ محمد علي طفيلي.
قدّمت الإحتفال الأديبة والشاعرة رولا ماجد، وشارك فيه بكلمات في المناسبة:
- رئيس الهيئة د. كاظم نورالدين.
- د.عماد الدين طه.
- د. غازي مراد.
- د. قيصر مصطفى.
- رئيسة اللقاء الأدبي العاملي د.درية فرحات.
- د. مشهور مصطفى.
- رئيس رابطة المتقاعدين المدنيين الأستاذ علي توبة.
بدأ الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد هيئة التكريم، تلاهما تقديم الأستاذة ماجد :
مساء الخير
وأنت تقرأ منجزاتها وما قدمته منذ انطلاقتها ولغاية اليوم، تحملك اللحظة المسيرة إلى أبعاد تاريخية تكسر آفاق حاضرك وتحطّ خيالك بزمن يستبق الازمان، فيتهيأ لك الفارابي وقد عاد عاديا إلى الخلف يكفن نظريته وينعى سيرته الأولى، فلنسقط الرهان على حلم لا يقوى على كسر عتمته، فلا أمة حية في عصرنا ولا مدينة فاضلة..
وفي ظل المشار إليه، وأمام غياب لدور الدولة الرعائي، عمدت بعض الجمعيات والهيئات الثقافية إلى كسر هذا الأداء، فاستصلحوا أرضية العطاء وكانوا البدائل الصالحة، ومن أبرزها هيئة تكريم العطاء المميز التي كانت ولم تزل حاضرة لرعاية وتكريم العطاءات المميزة. تصدر ديوانا مشتركا في شهر رمضان من كل سنة، تتنوع مواضيعه بحسب ما ترتئيه ومنها: قصائد في لغة الضاد، وقصائد في الاغتراب، وآخرها ما جمعنا في هذا الحفل ويحمل عنوان قصائد في جائحة كورونا.
تقديم د. كاظم نورالدين : من هنا ننوه ونشيد بالدور المتقدم لرئيس الهيئة الذي حرص ومنذ التأسيس على أن تبقى في الموقع الريادي، لم يأت دخوله عالم الإجتماع من فراغ بل عن سابق وجدان وتصميم، فحلّ ضيفا مكرما ومعلما مدربا في العديد من الهيئات والمنتديات، وآكاديميا عريقا في صروح وجامعات، ونظم الكثير من المؤتمرات.. نهل قواعد الاجتماع من ينابيع عاملة، ومن بيادرها حمل إرث الخير والعطاء، ومن تاريخها اختطف عطر الارتقاء الى أعلى درجات الرقي والترفع.. فكان خير وليد وخير وريث..
هو ذاك الإنسان الذي بحث عنه ديوجين في عينيّ مصباحه، الخلوق المثقف المندفع المعطاء. رئيس هيئة تكريم العطاء المميز، الدكتور كاظم نورالدين..
كلمة رئيس هيئة تكريم العطاء المميز د. كاظم نورالدين
أسعد الله مساءكم
بقلوبٍ ملؤها المحبة، وأفئدةٍ تنبضُ بالمودة، وكلماتٍ تبحثُ عن المفرداتِ التي تليقُ بمنْ هُم أغلى الأصدقاءِ والأحبة…نقولُ لكم أهلاً وسهلاً مرحبين بكل فردٍ بإسمه.
نحن في هيئة التكريم سعداء بتشريفكم، فأهلاً بكم فكراً واعياً وأقلاماً راقية، ومثقفين يعشقون الكلمة شعراً ونثراً . أهلاً بهذه الوجوهِ الباسمةِ التي لاتغادرها الضحكةَ الحلوةَ فتزيدُ سعادتنا بعبيرِها الفوّاح.
هي علامةٌ من العلاماتِ الاجتماعية السليمة في منطقتنا أن نجتمعَ اليومَ وإياكم من أجلِ توقيعِ ديوان قصائد في جائحة “كورونا” ، التي تدلُ على أنه مادامت هذه الحالة قائمةً فلا بد أن يبقى في هذا المجتمعِ أملٌ للأجيال الطالعة.
الحضورُ الكرام: إنّ احتفالَنا اليوم جاءَ نتيجةً لتوجه هيئة تكريم العطاء المميّز لتكريم الصحة مُلقيةً الضوء على جائحة كورونا التي فتَكَتْ بالمجتمعات ـ فتمّ اختيارُ موضوعِ امسياتنا الرمضانية الشعرية :”جائحة كورونا وآثارها الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية و… ” وأصدرت الهيئة نتاجاً لتلك الأمسيات ديوان قصائد في جائحة كورونا الذي نحن بصدد توقيعه اليوم وتقديمه هدية للحضور.
أيها الأحبة :
- تكريم الانسان هو الحرص على أن يعيش سعيداً، لأن الله شاء له الإكرام ولم يرض له المهانة ، كما تفعل الطبقة الحاكمة الفاسدة التي قامت بسرقتنا واذلالنا ولا تزالُ تمعنُ في ذلك، ضاربة عرض الحائط بالقيم الانسانية.
- وتكريم البيئة هو الحرص على بقائها نقيّة سليمة من الثلوث ، وقد أهملتها الطبقةُ الفاسدة وشاءت إمعاناً في ذلك.
- أما تكريم الثقافة فهو الحرص على إنتاجها ونشرها وحفظها لأجيال المستقبل ونحن سعينا ونسعى الى ذلك من خلال المؤتمرات و الإصدارات المعرفية لأبحاثها وكذلك الإنتاجات الفكرية التي تُوِّجت بإصدر مجلة معرفة وعطاء الالكترونية نصف السنوية والتي تطال موضوعاتُها كلَّ ميادين المعرفة. وقد أصدرنا منها حتى الآن اربعة اعداد وسيصدر العدد الخامس في 7 تموز 2022 . فنأمل دعمكم الفكري لتبقى هذه المجلة في استمراريتها.
من هنا جاءت هيئة تكريم العطاء المميز لتأخذ دورها في المجتمع الجنوبي ولتتوسع الى المجتمع اللبناني وترفده بالسمات التي تسعى اليها ، وها هي تركّز على التشبيك مع كل المناطق اللبنانية ومع الوطن العربي بكل الأطياف الثقافية.
اما تعاونكم معنا اليوم ايها الأصدقاء وحرصكم على استمرارية هيئتنا فقد تكرّس من خلال إعتراف الآخرين بأهميته وفضله في تطوير عملها وازدهارها، والمساهمة في نشر قيمة التعاون بطريقة عملية في جمعيات وفئات اجتماعية متعددة تعمل على سلوك اسلوبنا ومنهجنا في العمل الخدماتي التكريمي. حيث مثَّل تكريمنا لأفراد أثبتوا نجاحهم في انجاز خدمات اقتصادية تربوية وثقافية ، ولمؤسسات كان لها الدور الفاعل في تطور المجتمع اللبناني عملاً أشعرهم بروعة هذه القيمة و الحرص على التمثّل بها…
إن تعاونكم معنا شعراء وشاعرات لسنوات أربع على التوالي ساهم في رفد امسياتنا الشعرية الرمضانية بقصائد ماسية يمتزج فيها جمال الكلمة بصورة المشهد المعبّر للموضوع ، وساعد ذلك في إنتاج اربعة دواوين تتميز بموضوعاتها التي تلتزم قضايا المجتمع وهي:
- ديوان قصائد عاملية
- ديوان قصائد في لغة الضاد
- ديوان قصائد في الاغتراب
- ديوان قصائد في جائحة كورونا
وسنستمر بالتعاون وإياكم في المستقبل حيث سنكون معكم في امسيات لاحقة في الشهر المبارك شهر رمضان من كل عام.
لن أطيل عليكم وسأختم بالشكر النابع من القلب
- شكراً لحضوركم لقد أغنيتم الإحتفال.
- شكراً لشعرائنا و شاعراتنا الذين يملكون حقهم في جمع تراث شعري مميّز سينتقل الى الأجيال التي ستمتِّع به معارفَها وثقافتها.
- شكراً للمجهولين أعضاء الهيئتين الادارية و العامة الذين يتابعون نشاطات الهيئة في ظل ظروف قاهرة اقتصادياً ومعيشياً. يتسارعون للخدمة العامة في مجال عمل الجمعية التكريمي . وهنا أقول لهم ومن على هذا المنبر وأنا جد فخور بهم: إن تعاونكم ايها الزملاء في الهيئة جاء نتيجة التقارب الفكري و العقلي بينكم ، وحافظ على الأَنَفَةِ بينكم، فخلق جواً من تبادل الأفكار البنّاءة و الخبرات ، كما انه أزال شعور الأنانية … وتجلى عملكم بل نشاطاتكم المميزة بالديمقراطية التي تمارسونها في إقرار المشاريع والمخططات للنشاطات التكريمية والذي يتم دائماً بالإجماع وهذا سبب نجاحكم.
- واخيراً شكرا لثانوية حسن كامل الصباح ممثلة بشخص مديرها الاستاذ عباس شميساني. وهي التي تحتضن معظم نشاطاتنا …
- عشتم، عاشت هيئة تكريم العطاء المميّز وعاش لبنان كما نتمناه ان يكون وطن الكرامة والانسان، لعله يكون.
تقديم د. عماد الدين طه:
هو المولود من رحم أرض وهبت تاريخ اليعربية أصولها والجذور، الآتي من معابر بدايات أبجدية الكلم، من ينابيعها نهل وبات شعره منهل عطاء لا ينضب، في نتاجه تشتم رائحة عبق الياسمين ويشدك ضوعها المقفى إلى حدائق الشآم وحاراتها المعرشة على النوافذ والشرفات.. هو عبق كياسمينها، جميل كوجه عمارتها، عنيد كطين حجارتها، متواضع كتربتها، وشاهق كسماء هامتها… شاعر لا يهدأ قفز فوق تقليدية الشعر، وحط في رحاب الحداثة المتشبثة بالمعايير الفراهيدية، حدث لغته وألبسها ثوب العصرنة.. تميز بفرادة أضفت على شعره طابعا يشير فورا إليه.. حائز على دكتوراه الإبداع من الإتحاد العالمي للمؤلفين باللغة العربية خارج الوطن العربي عام 2006
ديوانه الأول بعنوان بصمة قلب والثاني بعنوان لمسة وفا.
غُنّيت بعض قصائده
كأجراس العودة مع الفنان الكبير لطفي بوشناق وغيرها… ناقد لاذع وساخر جلاد، يصوب شعره باتجاه آفات ومعتقدات ألهها تخلف أعمى، فالاله عنده منزه مما نسب إليه من متوارثات النقل، والدين في معياره يبدأ من ميزان البقال.. فيقول:
” الدِّينُ ليسَ بَخُوراً قابَ شَعْوَذَةٍ
الدِّينُ يبدأُ مِنْ ميزانِ بَقَّالِ
أَدِينُ لِلْحُبِّ لِلتوحيدِ في سَعَةٍ
أدري .. يُكَفَّرُ أهْلُ العِشقِ أمثالي “
رحبوا معي بالشاعر المبدع عماد الدين طه.
الشاعر د. عماد الدين طه
بِخَاطِرَةٍ على قيدِ التَّجلِّي يَطُوفُ خيالُهُ فَيُضِيءُ كُلِّي
إذا كانَ الوضوءُ .. بِبَيتِ شِعْرٍ فما يُدريكَ ؟ ما حالُ الْمُصَلِّي
في حضرة الله
في حضرة الله أي: في مُطلق السِّعةِ تدار كأسُ بسيطٍ في المُعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــقِّدةِ
كم عقّدوا الدّين والدُنيا فما اتفقنا أو ربما اتفقنا يومينِ في السّـــــــــــنةِ
بالعشقِ تجذبُ من في عُرفهِ ثقةٌ علاقة البدرِ والشطآن بالثقـــــــــــــــــــــــــــــــةِ
لا يسأل اليَمُّ فيم المدُّ يرســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلهُ يحنو على الرمل، كلّ الرملِ ذي الصّلةِ
والبدرُ يأخذ من ذي العرشِ سلطته فالبحرُ يسجدُ للرحمن…يا ابتِ
تلكَ الأمورُ لها حالٌ يحرِّكها وحالي اليومَ مثلُ الآه في الرّئةِ
إن قلتُ أصمتُ فالكتمانُ يخنقُني أو كنتُ أفصحُ قد تؤذيكم لُغتي
“اليوم أكملتُ” لا تكفي لتُقنعهم ورما اقتنعوا خمسينَ في المئةِ
جرّبت بضعَ عجافٍ أن أُشاركهم مباشرَ البثِّ من ميدانِ جُمجمتي
عاملتُ جُلَّ جذور الوحي عن ولهٍ واللّيلُ يشهد كم دلّلتُ أسئلتي
ذكّرتهم بكتابٍ يؤمنون به فصلّبوني على أخشاب عنعنةِ
ما كنت أجزمُ فيما لستُ أشهدهُ طبعُ النوايا خفايا في المحصِّلةِ
إنّ النّوايا لها من ليس تُعجِزهُ والحقُّ أقربُ من حبلِ لمشنقّتي
ما كُنتُ شيخاً ولا شِبهَ النبيّ أنا لكنْ.. بنيتُ على التوحيدِ صومعتي
وجَّهتُ شيبيّ نحو اللّهِ مُقْتَدِيَاً باللاجهاتِ فربي جلّ عن جِهَةِ
أسهو وأُخطِئُ والغفَّارُ يعرفُني ديني لربي فكُفّوا عن مُحاسَبَتِي
رُباعيّة القدسُ ملَّت )على البحر الكامل(
القدسُ ملَّت من قصائِدنا وما صنَعَت حروفٌ حينَ غادرتِ الفَما
طفلٌ شهيدٌ والمُزَغردُ أُمُّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهُ أقصيدةٌ من شعرِ مَن تكفيهما؟
أجراس العودة
أجــراسُ العودةِ إنْ قُرٍعتْ أو لمْ تُقرعْ فيمَ العَجَـــــــــــلهْ؟
لو جِـــئنا نقْرعُــــــــهـــــــــــــــــــا حالاً كانتْ “دُم تكٌّ” كالطَّــــبله
فالوضعُ عــــــموماً منحــــــــلٌّ والقادمُ يلعنُ ما قـــــــــبلــــــــــــــهْ
والعُرْبُ بأخطرِ مرحلــــــةٍ وجميعُ حروفِهم عِلّـــــــــــــهْ
أغرتهمْ كثــــــــــــرتهم لـــــكنْ وبرغمِ جموعهُمُ قِلَّـــــــهْ
وبوادي النّمــــــــــــــــــــــــــــــــلِ إذا عبروا ستموتُ من الضّحكِ النّملة
فسُليمانُ العصرِ الحالي مشغولٌ في ملءِ السّلّهْ
وحديثٌ عن حربٍ كُبرى أو صفقةِ قرنٍ مُختلّـــــــــــــــــــــــــــه
مسمارُ الحائطِ ملكُ جُحا سمسارُ الحيِّ…وفي غفـــــــلهْ
سينــــــــادي “أونَ ألا دوّيـــــــــهْ” بـــــــــــازارُ الأرضٍ المـــــحـــــــــــــــــتلَّه
ويعودُ ليُكمـــــــــــــلَ سهــــــــــــــــــرتهُ في نادي أشــــــــــــــــرافِ الدّولهْ
المشهد الأول
شعور الفقدِ خدَّرني تماما أرى عجباً ولا أُبدي اهتــماما
هُلاميّ المشاعر صار قلبي فـؤادي .فارغاً أضحى..ظلاما
وهذا الفقدُ هذّبني كثيرا وسجّـلني على قيدِ اليـتامــى
وقال البعضُ: هل للكَهلِ يُتْمٌ؟ أما شَعروا ؟ أما فهموا المقاما ؟
عديلُ بنفسجٍ في الحال حزني كثـيرٌ في الـتفَرُّعِ كالخـُزامــى
بكــاءُ العين متَّفــقٌ علــيهِ بكــاءُ القلبِ مختلفٌ تمـامـا
رثاؤك يا أبي صعــبٌ لأني أراكَ على الحقيقةِ لا منامـــا
وإن زرتَ المنامَ فذاكَ فضـلٌ وإلّا كانــتِ الــرؤيا سـقامـا
فأينَ الضوءُ يا من كنتَ عيني وأين الأمــنُ يا بيتــاً حــراما
لِفقدكَ كيفَ آتي بالمــعاني ويبقى كلٌّ ما أُلقي كلامــا
لغيركَ كم سكبتُ الشّعرَ فيضاً لمثلــكَ لم أزل شــعــراً غُلاما
تقديم د. غازي مراد:
يواعد النجم كل ليل يلتقيه بغفلة عن المجرات العابرة، يسامر ضوءه الغافي على وسادة كفنت ببياض ريش الحمام أرواح جثامين مزقها انفجار وطن، فيكتب:
“الكلُ مات وصار الليلُ قنبلةً
موقوتةً زُرِعَت مِنْ حقدِ سفّاكِ
فهل تعودُ أيا بيروتُ فرحتُنا
وهل تَهزُّ طبولَ الأُذْنِ شكواكِ؟”
بيروت تبادله الخواطر، وما بين الخاطرة والخاطرة ثمة غيمة تمطر النقاش بوابل من دمع.
يكتب الهم الإنساني بحبر اكتسب زرقة عينيه من انعكاسات لون شرايين الجياع.. مع كل نفس يشهق اختناقاته ويستحضر وطنه المستباح الممزق من أرزه حتى أخمص قدميه، المرمي جثة في أدراج الأمم وروحه على قارعة الطريق تستجدي أقدام العابرين.. يمجده ويبكيه، لكنه سرعان ما يأبى عتم الدمع فيغمض عينيه ليرى قبس النور ويقول:
“يظل في النفس من أحلامنا قبس
يضيء فيها مع الأيام آمالُ”
هو عضو اتحاد الكتاب اللبنانيين واتحاد الكتاب العرب، والمجمع الثقافي العربي، له ثلاثة دواوين من شعر تعطر بعبق تراب قريته شحيم وزهر مفردات من حبق..
الشاعر الدكتور غازي مراد..
إليكم أحبـــــائي أبثُّ اشتــياقيـا سلام عليكـــم قــد بلغــت الأمانيـا
إليكم بأحلى الشعر جئت محيياً ولولا وجود الشعر ما كنت غازيا
حملتني اليها نسائم الشوق على هيف من حنين، وشدّني العشق لنوابع الأدب المكين، وأرّقت فكري موقظاً جود المعاني، متوخياً منه الثمين فأنا بحضرة عاملي يعشق القلم ويتحف الأدب، وكَتَبَ الشعر أصيلاً من سنين.
تحية الى مدينة العلماء والأدباء، الى النبطية الشهباء وأهلها الأعزاء.
تحية الى منبر تجلّى تميّزاً وارتقى فناً، وكَبُر موقعاً، الى هيئة تكريم العطاء المميّز، الى عنوان سما ثقافة، ونما عطاءً.
تحية الى أخ حميم وصديق كريم وأديب عليم الدكتور كاظم نورالدين، جامع الكتّاب وحاضن الشعراء. وتحية الى جامعة جمع الفكر عُراها، وبلغ العالم مداها وأتى الكون صداها الى الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم. وسلام على الأدباء والكتّاب والشعراء الذين حالفني الحظ اليوم لألتقي من عرفت منهم ومن لم أعرف، وأتزود من هذا الشرف.
وتحية الى كل الحضور الكريم.
أيها الأحبة لم يبق لنا سوى نبضٌ من الإحساس وأكثره ألم، فالأرض قحطٌ يُساكنها الهشيم ولا فوحٌ يبشر أن يضوع به الأديم.
فشكراً للثقافة وشكراً للشعر الذي صار المتنفّس بأضعف الممكن وصار الملاذ، به نستجير وبه نستعين، به نفرح وله نستكين.
لقد شرّفتني هيئة تكريم العطاء المميّز بأن أشركتني لعامين بأمسيتين سمعت خلالهما رقيق الشعروجميل القريض، ولم يحالفني الحظ قبلاً أن أشارك بأمسية كان موضوعها اللغة العربية التي لي معها عشق وغرام، وكي استلحق نفسي وددت في هذه المناسبة أن اقرأ قصيدة كتبتها في هذا المجال.
كتبت في الشعر حرف الضاد ألوانا وصغت في النثر منه القول فازدانا
وحِرتُ في النظم أيُّ البحر أعــــبـــــــره لأقــــطــــع الـــــيــــــمَّ قـــــبــــطــــانــــــاً وربــــــانـــــا
وأمخـــــر المـــوج لا ألــوي عــلى خطرٍ يــــــهــــدد الشعـــــر إغـــــراقـــــــــاً وفـــقـــــدانــــــا
ورحـــت أبحـث في الأكوان عن لغةٍ تـــمــــاثــــل الضاد أوصافــــــاً وأركــــــانــــــا
رقـــــيــــقـــــة اللـــفـــــظ تــــعـــبــــيراً، مــرنّــــمــةٍ جــــمــــيــــلـــــة الشدو، أنـــغـــــامـــاً وألحانــا
فــــــمــــــا رأيـــــت لــــغــــات في بلاغـتـهــــــا ومـــا سمـــعـــت بـــيــانــــاً هــــزّ وجــــدانـــــا
أو أن بـــعـــد لسان الـــــعُـــــرْبِ ألسنــــــــةً تـــــطــــــــوع الـــــقـــــول تـــــركـــــيـــباً وبــنيانـــــا
أخـــــالـــها الزهر في الأرجاء منطرحاً يـــــزهــــــو ويـــــشرق أوراقــــــــاً وأفــــنـــــانــــــــــا
يـــمـــــتـــد، يــــورف، لاتـــــذوي خـــــمائــــلـه ويــــنــــثــــر العـــطــــر مـــضواعــاً وفتّانــــا
هي الدليـــل لـــمسرى الخير يــــوصلنا ومُـــرشد الدرب تــــعـــــلــــيــــماً وتــــبـــيـــانــــا
فأيـــقــــظ القـــوم من جهــل يــــضلـــِّلَهــــــم وحــــطّـــم الكــــفــــر أصنــــاماً وأوثــــانـــــــا
هــــي الهــــويـــــة فــــي ديــــن نــــــقـــــدّســــــــه هـــي القــــــضيــــــة، نـــــــحــــياهـا وتحيانـا
هـــي الحضارة بـــعـــض من روائعهـــا أهــــــدت اليـــــهــــــا مـــــدامــــيكـــاً وعمدانـــا
أغــــنوا الوجود عطاءً في روائعهم خــــــطّوا الفــــصاحـــــة إبــــداعــــاً وإتــــقــــانا
هـــي العــــروبة نـــبــــع من مـــنــــاهلــهــــــا ومــــــورد الحــــب يروي الروح إحسانا
هـــي الوريـــد يضخّ الدم فــي نـــبـــضٍ ويــــربـــــط العـــــرق أوصالاً وشريـــــانـــــــا
هي الوثاق وحبل الوصل في عرب وجـــــامــــع الشمـــــل، أقـــطـاراً وأوطانــا
وتــــاج كـــــل لغــــــات الأرض مــــنـــــزلة بــــهــــا المـــراتـــب تعـلـــو فــوقهــا شانــــا
يغـــريــــك منهــــا بــــديــــعٌ فـــي تـــنــوعهــــا ما جـــاء غيــــر لسانٍ فـــيــه أو كان
كأنـــه الوشي من حُلْيٍ عـــلى جـــــــسدٍ يـــرصّع الثـــــوب يــــاقــــوتـــاً ومرجانــــا
أجــــــلّـــــها الله تــــــعـــــظـــــيـــمــــاً فـــأنزلــــهــــــا حـــــــرفــــــــــاً يــــــــدوّن للإســـــــلام قـــرآنـــا
قِـــيــــلـــــت لأحــمــــد إقـــــرأ باسم مُــنزلهــا إقـــرأ وربــــك من زكـــى ومن صانـا
وإن صون حروف الضاد في زمـن بـــعــــض العبــــاد، فيما الله أوصانـا
ترنح الحرف من ضعف ومن خوَرٍ وجفّ في الحبر دفقٌ كان طوفانا
وأنــــضـــــب القــــحـــــط أقــــــــلاماً منزهة وأيـــبس الجـــــدب أفـــكــــاراً وأذهانــــا
وأوهـــــــن النـــــــثــــــــر أدواءً مُــــــجــــــرّحـــــة والشعــــــر أصبــــــح أورامـــــاً وأدرانــــا
وقـــــــلّــــــص الفـــــن والإبــــــداع قــــــافـــــــلـة للنـــــشر تـــــفــــــتـــــح حانــــوتاً ودكانـــا
وحرّف النطق في الاعلام طائفـــــــة تـــــروّج الـــلــــغــــو، أخــبــاراً وإعلامـــا
تُـــعلّـــم الخـــــطــــل إفــــساداً لـــنـــــاشـــئـــــــةٍ وتـــــــزرع الجـــــهــــــل، إصراراًوإمعانا
ولــــــلسياسة قــــــــامـــــــوس بـــــمـــوطـــنــنــــا يــــطـــــفو و يــــنــضج إذلالاً وخزيانا
هـــــي الحـــداثـــــة مــــا ألــــغـت قواعدنـا لــنـــكـــتــــب الرمـز أشعـــاراً وقصدانـــا
لــــيربــــك العـــقـــــل إعــــجـــــاز أحـــجـــية يـــجـــيـــر الفــــهـــم تــــقسيـــمـــاً وعـــرفانـا
من الحداثــــة مــــن صارت هـــــوايتـه كـــــتــــــابـــــة الشعـــــر أشكـــــالاً وألـوانـــا
يخط في الصدر بعض اللفظ منفرداً ويسقــــط العـــــجــــز إخـــفــــاقاً ونكرانا
بئس الكتابة لن تـــرقى بــــصاحـــبـــها مـــجـــداً يشابــــه في الآداب جــبرانا
أو سحر شوقــي وابراهـــــيــــم حافظه أو من تراث خليل الشعر مطرانا
كم أُلهب الحرف في الثوارت معركة وأسقـــــط الشعـــر حــــكـــاماً وتيجانــا
وأيـــقـــــظ الناس من نــــوم يـــخـــد!رهم وفكـــك الظلــــم إيلامــــاً وطـــغــــيانـــــا
يــــخلّـــد الحـــرف مـــــن زادوه معرفـــــة ويقـــبـــع الغير في التاريخ نسيـانــــا
تبقى الحروف ويفنى وجه كاتبـــــها والدهر يحـــفظ من أخفى بما بانا
أشجى الفؤاد وأدمى العين في مقلٍ شرٌ تـــــراكـــــــم أوجــــــاعـــــــاً وأحــــزانـــــا
وقــــد ألفـــنــــا صراعــــاً فــــي مـــرابــعــنــــا يشوّه الـــحسن أحـــــلامــــاً وإنـــسانـــــــا
يُحول المرءُ عن غــــــايــــات مقصده يــــبـــدّل الــــــود نـــــــيـــــــرانــــــاً وعــــدوانــــا
ونسأل الله أن يــــــطـــــوي لــــنــــا زمنــــاً ويصرف العيش إحباطاً وخذلانـا
تقديم د. قيصر مصطفى
الأدب الملتزم لا يمكن اسقاطه على أدب لا يتجرأ الاقتراب من دائرة اعتقال ارادة الأمة. أو يضع له الرقيب جدارا يمنع خياله من الحوم فوق أزاهير الأضرحة،. وفي جغرافية الآلام في أمتنا كم يتكاثر موت الميتين، ويتكسر صدى أصوات الجياع والمعذبين..
من أتشرف بتقديمه هو أكاديمي عتيق، مسيرته حافلة، درس الأدب، وحاز على دكتوراه دولة من مصر، برع في العلوم الأدبية ونشر أكثر من عشرين دراسة في هذا المجال..
هو شاعر ملتزم بمعظم دواوينه، ترجم إعجابه بالثورة الجزائرية فكتب: هذي الجزائر، وتلمسان..
كما خصص دواوين عديدة للقضية الأم، فكتب: محمد الدرة، وبلال فحص، وحداء الحجارة،
فعلمنا كيف تحدو الحجارة في كفوف أطفال فلسطين كما تشدو الدواري أغنية الحرية أغلى من الخبز..
شاعر المظلومين والمستضعفين هكذا يتمنى أن يكون، وهو فعلا كذلك، يترجم آلام الإنسان وجعا مقفى، ويحمل قلمه نبراس محبة في بلد قننت فيه الأحلام.. يقول:
“قم علق الحبل وانهض لا تكن حذرا
منهم فما أحد من شرهم سَلِما”
الشاعر الدكتور قيصر مصطفى..
جعلت نثري شعراً والأسى مددي يجــــول في الطرس لا يــبـــقى بـــمـــنــفـــــرد
يتعانقان عناق العشق في شغف في القلب حيناً وبعض الحين في الكبد
إذا كنّا قد حضرنا الى هذه القاعة تلبية لدعوة كريمة تحمل عنوانا في تكريم أصحاب العطاء المتميّز وأهل المواهب والنبوغ والتفوّق، وقد لبّينا بسعادة غامرة تلك الدعوة، ونحن إذ نستشعر بهبوب نسائم منعشة ما كنّا لنلحظها من قبل. فإننا نرى من جهة أخرى أن حضورنا يعني فيما يعنيه تكريم أصحاب الدعوة من رئيس وأعضاء الهيئة ذلك أن تكريم المتميّزين من أبنائنا في هذا الجبل الشامخ عبر تاريخه الطويل الحافل بالأفذاذ والبطولات نادراً إن لم يكن معدوماً. ونرى في نفس الوقت أن هذه البادرة تعني الإستدراك لما فات من تقصير بحق المستحقين، وهي ما جاءت إلا لتجاوز نقص طالما كنا نشعر بثقله وأعبائه وظلاميّته وانطوائه على نكران وتهميش. وهذه الهيئة جاءت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذا المجال، وهي إن شرعت في ذلك فإنّما حاولت إنتشالنا من قعر واد سحيق ما أريد لنا الخروج منه، وهي إذ استدركت فإنّما تكون قد عملت على خروجنا من تلك الأنفاق المظلمة لترتفع بنا الى قمم شامخة وعالية، تحاكي من عليائها إشراقة الشمس، ولتعلن للملأ وبصوت صارخ صادح أن جبل عامل هو وطن المواهب والإبداع وصانع الأفذاذ والأعلام وأنّه كان ولا يزال وسيبقى مستقبلاً كما أريد له من ذوي التطلّعات الواعدة، وهو بذلك يستلهم الماضي المشرق ويتجاوز كل المظالم التي رزحنا تحت نيرها زمناً طويلاً وما زلنا نعاني من وخز إبرها ومخالب أصحابها حتى يومنا هذا.
نعم نحن يا سادة وبكل فخر واعتزاز وثقة مَن صَنَعَ الفكر في لبنان ونشر تداعياته في كل الربوع وعمّت أصداؤه المحافل والمرتقيات كما هو حالنا في هذه اللحظات المشرقة الفيّاضة. نحن من أعلن الثورة على المظالم فأشرقت على أيدينا شمس المقاومة فحمينا الأرض والعرض وقد دفعنا الأثمان غالية وما زلنا لم ولن نستسلم وسنتابع المسيرة.
أيها السادة إن هيئة تكريم ذوي المواهب والعطاءات تمثل ظاهرة استطاعت أن تبعث فينا الأمل وتنتقل بنا الى الضفة الأخرى فشكراً لها وألف شكر وما علينا الا أن نمدّ لها يد العون دعماً وتشجيعاً بشتّى الوسائل والطرق المناسبة والمتاحة.
أيها السادة راجعوا تاريخنا الحافل وبدون ادعاء أو أي نوع من أنواع الغرور والمجاملة لتعرفوا أن الأرض العاملية التي انطلقنا منها كانت على مرّ التاريخ صلبة وعصيّة على المعتدين وكانت شمسها مشعّة ومتوهّجة ونجومها متلألئة وتطلعات بنيها واعدة. وأقول لكم بكل فخر نحن لبنان بكل إشراقاته وتجلياته التي يدّعيها الغير زوراً، ودقّقوا النظر مليّاً تروا مدى صحّة ما أرمي إليه. فالفكر منّا ومن بيئتنا والعطاء منّا وقد ملأنا الأرض وانتشرنا في الآفاق وجبنا العالم ببحاره وصحاريه ووهاده وكثبانه وقممه الراسية فأنتجنا وأعطينا بلا منّة أو تردّد مالاً وفكراً وخلقاً وتواضعاً وشموخاً.
ويكفينا شرفاً أننا أعطينا ما يسمّونه العيش المشترك وكنّا أول من أرسى دعائم قيمه على الأرض قولاً وعملاً وخلقاً وحضارة وألقاً وتوهّجاً، فرضينا بالآخر وكنا ديمقراطيين فطرة وسجيّة لا صناعة، وتبنّينا كل ما توصل إليه العالم المتمدّن. فاعتزوا بماضيكم وحاضركم وثقوا بمستقبلكم، واعلموا أننا سوف نتجاوز المحن والأزمات الوافدة إلينا من الغرب والمرتهنين له من أهلنا واعلموا أننا المستهدفون والعدوّ يعلم وفق مخطّطاته أننا الأخطر عليه وعلى مصالحه وهو الذي كرّس الظلم ونشر وبعث الظلام وعزّزه وأسّس لغرس بذور الهزيمة والهيمنة في نفوس المرضى من أبناء وطننا. وقد رفضنا كل مخطّطاته وسنواصل الرفض. فارفعوا رؤوسكم عالياً وكونوا جميعاً يداً واحدة واخوة متعاونين لنكرّم أصحاب العطاء المتميّز في جميع المجالات والمستويات والأصعدة، وعلى طول المدى وكلما سنحت الفرصة.
ألف شكر لهيئة التكريم رئيساً وأعضاء والآتي يبشّر بكل خير وإلى الأمام.
قصيدة: نحن والوسيط المنحاز للعدو أصالة (من مجزوء الوافر)
وسيط جـــاء مندفــعا وبالتحريض ملتفعا
يرى في القوم إخوانا لـــه إذ كـان مقتنعا
وسيط ما لــــه وسط وما أحـــد بذا سمعا
برى لبنان مزرعـــة وفيها السم قد زرعا
*****
يمالؤنا ويخدعنا وما منا الذي خدعا
بإسرائيل قبلته بحب زاد واتسعا
يؤيدها يصانعها ويا بئس الذي صنعا
فلا ترجى منافعه لنا والله ما نفعل
*****
وسيط جاء منحازا وعن ذا قط ما رجعا
ويكرهنا ويرفضنا وعن ذا الأمر ما ارتدعا
فقولوا إننا رصد وما كنا له تبعا
ولن نبقى طوال الدهر رهناً للذي قمعا
*****
ليفهم ذلك المنحاز إما شملنا اجتمعا
سنبني للعلا صرحاً منيعاً ظل ممتنعا
سنبنيه ونعليه ويبقى الدهر مرتفعا
وللأيام إن نطقت غدا تبني الذي طمعا
*****
فإنا سادةٌ نُجُبٌ نداوي الداء والوجعا
وسيط جاء مدعياً وألقى بننا الهلعا
يقول بأنه ظبي وصار بأرضنا ضبعا
وجاء بدعوة عميا وللعملاء قد هرعا
*****
وقلنا جاء ما ندري الذي في الوكر قد صنعا
بدهليز وأروقة يرقع وهو ما رقعا
ومنا من يغازله وما أملاً قد اتبع
وقعنا في مخالبه ويا بؤس الذي وقعا
في نهاية الإحتفال، و قبل تقديم أوسمة التكريم، كانت كلمة رثاء للمرحوم الشاعر حسن عبدالله باسم هيئة تكريم العطاء المميّز ألقاها الشاعر اسماعيل رمال أمين السر
* الحروف الراعفة *
… الراحلون على خفر مطلع الصيف كنسمة مشبعة بالعطر والبرودة، طووا أوراقهم وتركوا أقلامهم فوقها واستراحوا… الخيام حزينة والوسط الشعري مكلوم ومفجوع حتى العظم، نازفة عيون المحبين والغيارى، كلماتك تصدح في الحناجر أغنيات للوطن، للأمومة، للطفولة، للبيادر، للحب والجمال، النبع في الدّردارة على غير عادته من غير صدى… وها هو يستقل حافلة الموت وحيداً ميمماً شطر الجنوب، ليلتحم التراب بالتراب يا له من ذوبان، إذ لا لقاء بعد اليوم وستبقى الكلمات اليتيمة والنصوص الحيارى وأغاني المنشدين يضج بها المكان، من سيكتب للثوّار وللقضية، للأرض والإنسان يا حسن، المكتبات تلوذ بالصمت المدوّي، وأشجار السهل تنتظر موكبك الجنائزي، ومنبرك اتشح بالسواد تنكست اعلامه، حسن العبدالله أيها الراحل على مركب الدموع واللوعة، حبذا لو تمهلت الرحيل، فغياب الشاعر أيتمنا وقض مضاجعنا، ستظل هذه الدواوين التي تركت تتبع أثرك إلى دهر الداهرين، وستبقى مدرستك مشرعة الأبواب للقاصدين من التلاميذ والسعاة، سنكتب للتاريخ أن شاعراً عبر في هذا الوجود وترك بصمة لا تزول، إنه حسن العبدالله
تقديم الأوسمة
هذه الجائحة الكارثة التي فتكت بالمجتمعات وفي كل الميادين ، وحالت دون قيام هيئة تكريم العطاء المميز بتكريم ناشطين في هيئتها العامة رحلوا الى دار البقاء . وها هي اليوم تستغل هذه المناسبة لتكريمهم ومنحهم وسامها لعائلاتهم لتبقى ذكرى العطاء ، وتكون عرفاناً لها بعطاءاتهم الفكرية آملة أن يتغمدهم الله برحمته.
- تُقدّم الوسام لعائلة المرحوم فضيلة الشيخ فضل مخدر رئيسة اللقاء الأدبي العاملي الدكتورة درية فرحات.
*كلمة د. درية فرحات
يسهل على الإنسان أن يواجه إنسانًا ويخبره عن أفكاره أو مشاعره، ويسهل علينا أن نتحدّث عن إنسان بيننا، فلا غصّة تمنعنا من متابعة التّعبير عنه أو الحديث عن أعماله، لكن يصعب علينا أن نقف لنكرّم من رحل عنّا، فكيف بنا إذا من رحل هو صاحب الفضل والفضيلة، من انكسر الموت تحت عباءته… ومن خرج من عباءته فوح الشعر والقصة والأدب.
- عمل على إظهار ابداع الشباب والكشف عن جوهر يراعهم. فكان الملتقى الثقافي اللبناني بيتا يضمّ الجميع في رحاب الشّعر والقصّة والنّقد.
- كان صدى نبض المقاومة مرنّمًا كرامة الأمّة جامعًا شعراءها لنشر أريج ثقافة المقاومة.
- طلّة لطيفة وحضور محبّب لرجل دين اكتنز فؤاده بالمحبّة لكلّ النّاس استنادًا إلى الحديث الشريف الخلق عيال الله أحبّهم إليه أنفعهم لعياله…
- وكيف تنتشر ثقافة من دون محبّة وتفكير متنوّر لحوار عابر للعائلات الروحيّة والاجتماعيّة واحترام الإنسانيّة للإنسان.
- كانت البسمة على محياه والطّرفة من عبير فؤاده المحبّ وسيلة تشويق لجلسات الأنس الثّقافيّة في محضر رجل دين متنوّر شغوف بنشر ثقافة الحوار المضمّخة بالمودة والاحترام…
- رفيق الأجيال غارس نبتة الحرف المنطلقة نحو الأفاق الراقية بكلّ تجليّاتها، معنيًّا بكلّ ندوة ثقافيّة عبر أدوات النّقد لتنمية الإبداع.
- آمن بالحقّ الطّبيعيّ للإنسان والحريّة، كيف لا؟ والمقاومة هي المنارة للسّائرين على طريق العزّة والكرامة.
- فكانت النّدوات وسيلة للإضاءة على هذه الشّعلة المقدّسة…
- فقدت لغة الضّاد بأدبها وقوافيها من كان ركنًا أساسيًّا من نسيج أواصر المودة بين مؤلّفي الرّواية، وراسمي صور الحياة الشّعريّة، ورؤى فلسفيّة، وحوارات اجتماعيّة برحابة صدر وسماحة خلق.
- ويقف اليراع عاجزًا عن التّعبير عن المرحوم فضيلة الشيخ فضل مخدّر… وعن تعداد أعماله الواضحة وضوح الشّمس.
ويعجز التّكريم عن تقديرك… لكنّها رغبة من هيئة تكريم العطاء المميز بشخص رئيسها
وأعضائها أن نقول لك شكرًا فضيلة الشّيخ، راجين منك وأنت الآن في عليائك أن تنظر إلينا وتصلّي لنا على أمل أن نكون بخير، فنتابع مسيرتك الثقافية الأدبيّة الشّعرية.
- يقدم الوسام لعائلة المرحوم العالم البروفسور محمد علي قبيسي الدكتور مشهور مصطفى
كلمة الدكتور مشهور مصطفى
في العام 9991 التقيت الدكتور محمد علي قبيسي في القاهرة ، وكان أول تعارف بيننا، ذلك عندما قررت جامعة الدول العربية تكريم نخب من الرواد العرب في مجالات العلوم والفنون ، وأقامت لهذه الغاية يومها ما سُمي بمهرجان الرواد العرب الأول على أن يتبعه مهرجان ثان…
لقد كنا مجموعة أو مجموعات من الشباب والشابات من دول عربية (لبنان، سوريا، مصر، فلسطين، العراق، الأردن ودول الخليج العربي.).. وتلقينا دروعاً تكريمية لقاء عطاءات مميزة و انجازات في مجال العلوم والفنون….
تعرفت على البروفسور محمد علي قبيسي العالم في مجال الفيزياء النووية. وكان لافت فيه تواضعه… ووجه بشوش وعينان تدلان على هذا الطفل المقيم في داخله … فيه براءة قد تمخّض عنها براءات اختراعات وانجازات كثيرة.
هو الحائز على دكتوراه في الفيزياء والمواد المغناطيسية والاشعاعات والزئبق النووي من جامعة كلارك في ولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة الاميريكية عام 1976.
درّس في عدة جامعات عربية ودولية بالاضافة الى الجامعة اللبنانية ، حيث عاد عام 1992 الى لبنان وعين استاذاً مشاركاً ثم برتبة استاذ في كلية العلوم في الجامعة اللبنانية حتى تقاعده في العام 2001. ثم عيّن بمرسوم جمهوري عضواً في المجلس الوطني للبحوث العلمية .
عيّن استاذاً زائراً ورئيس فريق للبحث العلمي في جامعة ليفربول في بريطانيا لمرات عدة.
هو الحائز على عدة دروع وأوسمة تقديرية وجوائز من مؤسسات عالمية.
انجز واحداً وعشرين بحثاً علمياً في مجالات عدة في دوريات فيزيائية محكمة دولياً.
بعد العدوان الاسرائيلي الغاشم على لبنان في العام 2006 تولى البروفسور قبيسي بالتعاون مع مختبرات هارويل في بريطانيا ، مهام أبحاث ميدانية لقياس منسوب اليورانيوم المخصّب الذي خلفه القصف الاسرائيلي على القرى والبلدات اللبنانية ، خاصة جنوب لبنان.
لم يقتصر اهتمام المرحوم البروفسور قبيسي على مجال العلوم ، بل كان له اطلالات في عالم الأدب والشعر، لنعثر له على كتاب بعنوان :” رحلة في عواصف الزمن”، وعلى آخر بعنوان :” وجدانيات شعرية: بيت أمواج الزمن”. وهذا غيض من فيض من سيرته الذاتية الطويلة علماً وفناً.
تقديراً لعطاءاته المميزة ووفاءً له على انجازاته على الصعيد الوطني والعربي والدولي، وتثميناً لأبحاثه العلمية ولنبوغه قررت هيئة تكريم العطاء المميّز وبكل فخر واعتزاز تكريم الراحل البروفسور محمد علي قبيسي ، بمنحه وسامها التكريمي . ويسلم الوسام الى الاستاذة الفاضلة مريم يوسف حرم المرحوم العالم قبيسي.
- يقدم الوسام لعائلة المرحوم المربي و الأديب والشاعر الاستاذ محمد علي طفيلي رئيس رابطة المتقاعدين المدنيين في النبطية و أمين السر السابق لهيئة تكريم العطاء المميز والذي مثّل أهم أعمدة هذه الهيئة: الناشط الذي لايهدأ الاستاذ علي توبة.
*كلمة الأستاذ علي توبة
لقد دأبت هيئة تكريم العطاء على تكريم المبدعين والمتفوّقين من أبناء الوطن وهم ما زالوا بَعد على قيد الحياة… لكن القدر ويا للأسف شاء أن يطوي في الأول من أيار الفائت صفحة مضيئة، لا بل أنموذجاً متفوّقاً في البذل والعطاء ونكران الذات، عنيت به زميلنا المربّي القدير، والإداري الماهر، والأديب والشاعر، والناشط الإجتماعي والوطني الأستاذ محمد علي طفيلي.
ولإيفائه بعض حقّه، جاء تكريمه في سياق هذا الإحتفال الأدبي المميّز الذي يقام الآن في ثانوية حسن كامل الصبّاح الرسمية حيث شغل الرّاحل حيّزاً واسعاً من تاريخها التربوي الوضّاء.
لقد شهدت هذه الثانوية الراقية وتحديداً منذ أن تولّى إدارتها الراحل الأستاذ محمد علي طفيلي في العام 1997 ولغاية العام 2006 عندما أُحيل إلى التقاعد، نقلة نوعيّة على صعيد البناء العصري الجديد، وتجهيزاته الفنية الحديثة، وعلى مستوى تعديل المناهج التربوية وتطويرها… الأمر الذي دفع مديرها الرّاحل بالتعاون مع الطاقم الإداري والجهاز التعليمي ولجان الأهل إلى مضاعفة الجهود المطلوبة لكي تستمر الثانوية في تمايزها (ما زالت) ، وفي محافظتها على إحراز النتائج الباهرة في الإمتحانات الرسمية، حيث تخرّجت منها أفواج الطلاب المتفوّقين، الذين ما انفكوا وأولياء أمورهم يذكرون راحلنا بالثناء والتقدير…
وبُعيد تقاعده، واعترافاً بقدراته وكفاءاته، بادرت وزارة التربية والتعليم العالي إلى انتدابه مشرفاً على البرنامج التدريبي لتطوير وتحديث عدد من إدارات المدارس الرسمية في كل من محافظتي الجنوب والنبطية…
هذا على صعيد الوظيفة التي دخل ميدانها لا طمعاً براتبها الزّهيد، بل رغبة في أداء رسالة التربية الحقّة…
ليس هذا فحسب بل أن الرّاحل تابع دوره الفاعل كناشط ثقافي وإجتماعي، حيث إنخرط في صفوف هيئة تكريم العطاء المميّز منذ انطلاقتها الأولى، ثم شارك بفعالية في نشاطاتها التكريمية ومؤتمراتها وإحياء أمسياتها الشّعريّة، وبعدها أقدم في العام 2009 على الإنتساب إلى رابطة المتقاعدين المدنيين في محافظة النبطية التي كان لها النصيب الأوفى من إهتماماته. لقد جاد بوقته وماله ووظّف علاقاته بذوي الشأن من أجل إنجاز مشروع بيت المتقاعد. وفي العام 2011 ساهم في تأسيس اللقاء الأدبي العاملي في محافظة النبطية ثم تولّى رئاسة هيئته الإدارية الأولى… ومنذ ذلك التاريخ بدأ يعدّ العدّة لإصدار ديوانه الشعري الأول “مركب الحرف” في آذار من العام 2017 وذلك بتقدير وتشجيع من الشاعرين الكبيرين د. محمد علي شمس الدين والأستاذ مصطفى سبيتي، حيث جرى توقيعه في رحاب هذه القاعة بالذّات التي شهدت إقبالاً حافلاً من الأدباء والشعراء والمهتمّين… ناهيك عن تبرّعه بريعه لصالح مشروع “بيت المتقاعد” وهو قبل ذلك كله عاشق للغته العربية وآدابها، وممسك بناصيتها، ولهذا تسابقت المؤسسات الرسمية والأهلية لاستضافته أكثر من مرّة إلى اعتلاء منابرها خطيباً في الشعر والنّثر على حد سواء…
وهو أيضاً مؤسّس وإداري في النادي الثقافي الإجتماعي لمسقط رأسه دير الزهراني، وعضو في مجلس إدارة التعاونية الإستهلاكية COOP أيضاً في دير الزهراني…
ختاماً إن غاب عنّا الزميل الأستاذ محمد علي طفيلي جسداً فلسوف يبقى ذكره خالداً من خلال مآثره وإنجازاته…
له المجد والرّحمة ولأسرته الصابرة كل العزاء…
وقبل أن أختم أتوجّه بتحيّة الشكر إلى هيئة تكريم العطاء المميّز رئيساً وأعضاء التي أولتني شرف تقديم وسامها التكريمي الرفيع إلى أسرة الفقيد الكريمة يتسلّمه بالنيابة عنها شقيق الراحل ورفيق دربه وتوأم روحه وحافظ أسراره الزميل الأستاذ منير يوسف طفيلي…
اختتم الإحتفال بأخذ الصور التذكارية